عرب لندن

لم تكن البدايات في داونينغ ستريت تلك التي كانت تأمل بها ليز تراس المعينة رئيسة للوزراء قبل يومين من وفاة اليزابيث الثانية، لكن بعد دفن الملكة تستأنف الأعمال على نطاق واسع بين ماراتون دبلوماسي ومعالجة أزمة ارتفاع كلفة المعيشة.

على مدى 12 يوما، أدت فعاليات إحياء ذكرى الملكة ومشاعر التأثر التي عمت البلاد الى وقف كل الحياة السياسية. تم تعليق الإضرابات ولزمت المعارضة الصمت فيما ركزت الحكومة على مراسم تنظيم الجنازة المهيبة للملكة، رغم أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تهز البلاد تتطلب، باعتراف رئيسة الوزراء نفسها، تحركا "فوريا".

بعد هذه الانطلاقة الصعبة، تريد ليز تراس التحرك بسرعة. عقدت اجتماعا الأسبوع الماضي لحكومتها للتحضير لبدء العمل مجددا للمرة الثانية، وبعد ساعات فقط على انتهاء جنازة الملكة غادرت الاثنين الى نيويورك لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

تريد تراس الاستفادة من هذه المناسبة التي سبق أن حضرتها بصفتها وزيرة للخارجية، لكي تكرر التزام بريطانيا حيال أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي.

في بيان أعلنت أن بلادها تعتزم ان تعادل او حتى تتجاوز في العام 2023 المساعدة العسكرية البالغة قيمتها 2,3 مليار جنيه استرليني (2,6 مليار يورو) الموعودة هذه السنة. وقالت "انتصارات أوكرانيا في الأسابيع الماضية هي مصدر إلهام" وذلك بعدما استعادت القوات الأوكرانية مناطق كان يحتلها الروس خلال هجوم مضاد. وأضافت "رسالتي الى الأوكرانيين هي التالية: ستواصل بريطانيا الوقوف الى جانبكم في كل مرحلة. أمنكم هو أمننا".

في الكواليس، قد تعقد في نيويورك أول لقاء ثنائي الثلاثاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعدما كانت رفضت هذا الصيف القول ما إذا كانت تعتبر فرنسا "صديقة" أو "عدوة" لبريطانيا، على خلفية التوترات بشأن علاقات ما بعد بريكست وعمليات عبور المهاجرين للمانش بشكل غير شرعي.

ستجتمع الأربعاء مع الرئيس الأميركي جو بايدن في وقت وصلت فيه المفاوضات الهادفة للتوصل الى اتفاق تجاري كبير مع الولايات المتحدة والذي ترغب به لندن بشدة منذ بريكست، الى طريق مسدود حتى باعتراف تراس.

وقالت للصحافيين في الطائرة التي أقلتها الى نيويورك "ليس هناك حاليا أي مفاوضات جارية مع الولايات المتحدة ولا أتوقع ان يتم إطلاق مفاوضات على المدى القصير او المتوسط".

الى جانب اوكرانيا، ستبحث مع الرئيس الأميركي أزمة الطاقة لكن أيضا الوضع في ايرلندا الشمالية حيث يسود شلل سياسي بسبب اجراءات مرحلة ما بعد بريكست في هذه المقاطعة البريطانية.

أمام هذا الشلل، اعتمدت تراس حين كانت لا تزال وزيرة للخارجية قانونا يعدل من جانب واحد هذه الترتيبات التي تم التفاوض عليها مع الاتحاد الأوروبي مع المجازفة بإثارة استياء بروكسل ودبلن وواشنطن التي تعتبر كل تعديل للنص يضعف السلام في الجزيرة.

الرئيس الأميركي الذي له جذور ايرلندية، انتقد على الدوام ادارة هذه المسألة من قبل رئيس الحكومة السابق بوريس جونسون وتراقب إدارته عن كثب الخطوات الأولى لتراس.

ينتظر البريطانيون خطوات تراس في الشق الاقتصادي بشكل خاص، لا سيما بعد صيف كانت فيه السلطة شاغرة تقريبا حيث سلم بوريس جونسون المستقيل ملفات ساخنة لرئيسة الوزراء التي خلفته.

سبق أن وعدت تراس بتجميد فواتير الطاقة للأسر. لكن مع تضخم بات يبلغ 10% تقريبا، تشهد بريطانيا أسوأ أزمة منذ عقود. ستستأنف الاضرابات التي علقت خلال فترة الحداد الوطني، فيما تراقب المعارضة العمالية التي تعقد مؤتمرها السنوي في نهاية الأسبوع، عن كثب خطوات الحكومة المقبلة.

الأربعاء، ستعلن الحكومة عن خطة مساعدات للشركات، والخميس عن برنامج واسع للنظام الصحي العام الذي بات على وشك الانهيار، والجمعة عن موجة أولى من خفض الضرائب الذي وعدت به تراس من أجل اجتذاب القاعدة الناخبة المحافظة.

تراس الليبرالية جدا على الصعيد الاقتصادي ووريثة نهج مارغريت تاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية من 1979 إلى 1990، تثير انتقادات من الآن مع خطط لإلغاء بعض الاجراءات التنظيمية والعمل على قوانين مكافحة السمنة التي تنظم بيع السكريات.

السابق بوتين يستدعي جزءا من الاحتياط ويؤكد استعداده لاستخدام "كل الوسائل" دفاعا عن روسيا
التالي في حفل خاص في 13 أكتوبر :اطلاق كتاب الأكاديمي الفلسطيني الدكتور عاطف الشاعره "الحب والشعر في الشرق الأوسط"