كتب – كريم إمام

"عيد الفصح" كان من ضمن أهم المواسم السياحية للفنادق في لندن، ولكنه مرّ هذا العام، لأول مرة، بدون نزلاء. لا زبائن ولا سياح، بعد أن عادوا إلى بلدانهم وأغلقت الحدود جراء أزمة انتشار فيروس كورونا، الذي لا تزال تداعياته تؤثر على كافة مناحي الحياة في العاصمة البريطانية وحول العالم.

الفنادق من بين أكثر القطاعات تضرراً من الأزمة العالمية، وما أصابها في بريطانيا أصابها في باقي دول العالم. ورغم مرور أزمات اقتصادية عدة، وغيرها، على الفنادق والسياحة بشكل عام، إلا أنه لم يمر أي شيء بهذا السوء على قطاع الفندقة من ذي قبل.

ودفعت سرعة انتشار الفيروس بصناعة السياحة والسفر، التي تمثل أكثر من عشرة في المائة من النمو الاقتصادي العالمي، إلى واحدة من أسوأ الأزمات العالمية، وفقا لما تبين من خلال مقابلات مع أكثر من عشرة من الخبراء وأصحاب الفنادق ومديري الرحلات السياحية

ويقول المجلس العالمي للسفر والسياحة إن هذه الصناعة أتاحت حوالي 319 مليون وظيفة؛ أي حوالي عشرة في المائة من مجمل الوظائف العالمية في 2018.

التقينا عددا من مديري فنادق العاصمة البريطاني للتعرف على آرائهم ورؤاهم لما هو قادم في هذه الأيام الصعبة.

 

تبعات الأزمة

في البداية يقول السيد ألفارو راي، مدير عام فندق انتركونتيننتال بارك لاين، ومدير منطقة أوروبا، والذي يعمل في لندن منذ عشرة سنوات، أنه ليس فقط قطاع الضيافة والفنادق الذي تأثر بالوباء، وليس فقط فنادق لندن أو حتى بريطانيا، ولكن العالم كله تأثر، وفي كافة المجالات وعلى مستويات مختلفة، لافتا إلى أنهم في الفندق بدأوا يشعروا بتبعات الأزمة منذ ثلاثة أسابيع حينما بدأت الفنادق في الإغلاق ومعظمها إن لم تكن كلها أغلقت خلال الأسبوع الماضي، وبالطبع هذا يؤدي لمشاكل مالية للجميع، وأضاف قائلا: "بالطبع نحاول تقليل الخسائر المادية قدر المستطاع بدون أن نوقف كافة العمليات الجارية في الفندق، فهناك استمرارية في ما يتعلق بأعمال التجديدات والمبيعات وكيف يمكننا أن نستعد ونجعل الفندق أكثر استعدادا، إضافة إلى تهيئة الفريق العامل به لما بعد الأزمة. فنحن حاليا في طور اتخاذ العديد من الإجراءات التي يجب أن نتخذها للاستمرار".

 

خسائر الفندق

وأوضح أنه من الصعب جدا حصر الخسائر في هذه المرحلة، فلابد أن تنظر لتكلفة الطاقة مثل الكهرباء والماء وغيرها من المصروفات والنفقات الدورية، مشيرا إلى أن الأسبوع الماضي لم يكن هناك أرباح على الإطلاق. لذا فإننا نحتاج إلى شهر على الأقل لمعرفة التأثير الاقتصادي لأزمة كورونا على عملنا.

 

التعامل الحكومي

ووصف راي رد فعل الحكومة حيال الأزمة بأنه ممتاز، فالمساندة التي قدمت لنا كانت هائلة، وهو ما يؤكد أهمية هذا المجال للمدينة وللبلد كلها، فالسياحة تساهم بنسبة كبيرة من الدخل القومي لبريطانيا، ومن المهم جدا الحفاظ على وحماية القطاع وكل العاملين فيه، إذ أنه لا يمكننا بأي حال من الأحوال تسريح العاملين الآن، ومن ثم تحمل أعباء عملية إيجاد عماله جديدة بعد عدة أشهر.

 

صرف الرواتب

وأكد مدير عام الفندق أن العاملين لا يزالوا يحصلون على رواتبهم بشكل طبيعي من خلال الفندق والمساعدات الحكومية التي تتغير بشكل يومي، لافتا إلى أن هناك العديد من التفاصيل في ما يخص كيفية تعويض العاملين وفقا لطبيعة عملهم، وخلال هذه الفترة علينا اتباع تعليمات الحكومة بشكل جيد.

 

استمرار الخدمة

في مقابل ذلك، يقول كومارسانديب، مدير فندق بوتني، إن الفندق مغلق أمام العامة، ولكن أبوابه مفتوحة للعاملين الأساسيين مثل العاملين في القطاع الصحي وقطاع النقل والمتاجر الخاصة ببيع المواد الغذائية، لافتا إلى أن الأزمة ألقت بظلالها على القطاع الفندقي والسياحي الذي يعد أحد القطاعات المتأثرة بشكل كبير جراء الأزمة.

وقال: "الناس مرعوبون، والبعض رحل قبل انتهاء إقامته، وآخرون لم يحضروا، وغيرهم اتصلوا لطلب رد أموالهم"، مشيرا إلى أنه تم تقليص عدد العاملين في الفندق، كما تم تعديل ساعات العمل وفقا للأعداد الجديدة من الموظفين، وأضاف: "أعتقد أنه ليس هناك العديد من الأمور لفعلها الآن، وإنما علينا أن نكون صبورين وأن نستعد للمستقبل وهي فترة للتعلم لنا جميعا، فليس هناك منا من عاش مثل هذه الأزمة في حياته، وقد قلت للفريق العامل إن هذه مدرسة جديدة، وهي مدرسة الحياة التي نتعلم منها كيف نتعامل مع الأزمة وكيف نتأقلم، ونحدد أولوياتنا، فلربما نكون أكثر تفهما وجاهزية للتعامل مع المستقبل، فالأزمة أيقظتنا وكلنا ننظر للعالم اليوم بشكل مختلف، ولو أخذنا العبر من هذه الفرصة أعتقد أن المستقبل سيكون أفضل".

وتبرز مشاكل الفوضى التي دبت في صناعة السياحة والسفر العالمية، على الحجوزات ونسب الإشغال، إذ عمدت الشركات إلى تقييد سفر العاملين فيها، وألغيت معارض تجارية كبرى، واختار أصحاب العطلات البقاء في بيوتهم أو تأجيل خططهم لحجز رحلاتهم في عطلات الربيع والصيف. فالمؤكد أن الضرر سيكون كبيراً جداً، وستكون الفنادق في حاجة إلى متسع من الوقت للعودة إلى ما كانت عليه قبل الأزمة. والأضرار المادية لا يمكن التكهن بها في الوقت الراهن، والمساعدة الحكومية ستكون حتماً ملحة.

السابق بريطانيا .. لائحة جديدة لدول سيعفى الآتون منها من شرط الحجر
التالي جسور لندن.. حكايات تستحق أن تروى لمعالم عمرانية بعبق التاريخ