كتب – كريم إمام- لندن

 يواجه الطلبة العرب في بريطانيا عددا من الصعوبات والتحديات التي تحول دون تأقلمهم السريع مع المجتمع الإنجليزي من أهمها اللغة، والمأكولات وسبل التنقل والتعرف على أصدقاء جدد.

 إلا أن الطموحات والأحلام التي يسعون لتحقيقها دائما ما تكون دافعا قويا لتخطي الصعاب ونيل المطالب بالعمل والاجتهاد. وقد لوحظ أن الطلاب -بشكل عام- يفضلون البقاء في دائرة زملائهم من ذات الجنسية، وهو أمر لمستهم عرب لندن في إطار دخولها عالم الطلبة العرب، والحديث معهم، ومعايشة همومهم اليومية.

 

ومن خلال هذا التقرير نتعرف على آراء وطموحات عدد من الطلبة العرب في لندن، وخارجها للوقوف على أهم مطالبهم والطرق التي يسعون من خلالها لتحقيق حلم الانتهاء من الدراسة والالتحاق بحقول العمل المختلفة.

 

اختلاف الثقافة وانعدام الثقة

 وفي إطار جولتها الميدانية علي عدد من الجامعات البريطانية، التقى موقع ومجلة عرب لندن ب حمد الهاجري، -٢٣ سنة- من قطر، والذي قال أنه يدرس تخصص إدارة أعمال بجامعة ساسكس University of Sussex،وينوي الحصول على درجة الماجستير من لندن سكول أوف كوميرس London School of Commerce ، حيث انهى حمد دراسة الثانوية في عام ٢٠١٣ ثم أتى إلى لندن لدراسة اللغة لمدة ثلاثة شهور في معهد لتحسين مستواه في اللغة الإنجليزية، وكانت البدايات صعبة  كما يقول، حيث لم يكن متأقلما مع الوضع الجديد في إنجلترا، وكان لديه احساسا بالغربة خاصة أن الثقافة البريطانية مختلفة كما يقول والأكل مختلف، وحتى تعامل الناس مع بعضها البعض مختلف عن ما هو الحال في دولة قطر حيث الثقة في التعاملات بين الناس، في حين أن الثقة هنا تكاد تكون منعدمة وتعتمد على الشخص الذي أمامك ومدى علاقتك به كما يروي حمد،  إضافة إلى أن اختيار الأصدقاء وبناء العلاقات أمر يحتاج الكثير من الوقت.

الشهور الأولى

ولفت الطالب القطري إلى أن الشهور الثلاثة الأولى له في لندن كانت صعبة إلا أن المدرسين والأساتذة في معهد اللغة سهلوا عليه الأمر كثيرا من خلال حثه على القراءة والمعرفة وتحفيزه على زيارة المتاحف وحضور العروض المسرحية المختلفة فكان تشجيعهم كما يقول عاملا مهما في تأقلمه مع الوضع الجديد، مشيرا إلى أن حضور الفعاليات الثقافية بأنواعها المختلفة ساهمت في تعرفه على اللهجات المختلفة التي يتحدث بها الناس في لندن وقد استغرقه الأمر حوالي سنة، وهو أمر ضروري في رأيه.

 إدارة الأعمال

أما عن اختياره لإدارة الأعمال كمجال للدراسة فقال إن السبب يرجع إلى والده الذي حببه في هذا المجال، خاصة أنه كان مديرا لفرع في أحد البنوك، وقال: لدي ميول تجارية وأطمح للعمل في بنك أو جهاز استثمار أو شركة تمويل في المستقبل.

 لندن الأفضل

ويصف الهاجري الأجواء في لندن بأنها أفضل من المدن البريطانية الأخرى حيث أنها مليئة بالفعاليات والأحداث الثقافية والعلمية والأكاديمية على مدار العام، كما أن اليوم في المدن الأخرى ينتهي مبكرا في الساعة السادسة مساءا، في حين أن الحياة تظل تنبض في لندن حتى الساعة العاشرة أو الحادية عشرة، وربما في أحياء معينة تظل الحياة مستمرة والناس في الشارع حتى اليوم التالي، ما يفسح المجال لعمل شيء بعد الانتهاء من الدراسة والمتطلبات الجامعية اليومية.

إيقاع الحياة

 وفي اطار جولتها الميدانية التقت عرب لندن بالطالب رايان عبيد -١٩ سنة-،من لبنان يدرس الهندسة الميكانيكية في كلية لندن الجامعية UCL.

 

 ويبدأ ريان رواية قصته لعرب لندن بالقول: "أحببت كثيرا العيش في لندن وتعودت على إيقاع الحياة هنا بعد أن انتقلت من بيروت منذ عام واحد فقط ولم أشعر بأية مشاكل على الإطلاق حيث كان لدي العديد من الأصدقاء اللبنانيين معي".

  ريان الذي يعشق لندن وأجوائها يذكر أن انفتاح عاصمة بلاده بيروت على الثقافات وتحدث الناس هناك بأكثر من لغة سهل عليه التأقلم في لندن، ففي بلادي : "يتحدث الناس ثلاث لغات ولدينا أصدقاء فرنسيين وانجليز عديدين، وبالتالي لم تكن هناك مشاكل فيما يتعلق باللغة أو التأقلم مع المجتمع".

ويضيف: اخترت جامعتي لأنها جيدة للغاية وتمنح وضع جيد للطالب بعد التخرج من حيث التوظيف. كما أن الوضع في لبنان حاليا ليس جيدا لذلك قررت السفر إلى لندن، واخترت الهندسة الميكانيكية لأني أحب هذا المجال وأنا جيد في حل المشاكل والمعادلات الحسابية.

 الأكل والعائلة

 ويواصل ريان سرد تجربته ويذكر أن أكثر شيء يشتاق إليه هو الأكل والعائلة حيث أنهم جميعا في لبنان، كما أن هناك شعورا بالغربة ولكن الاتصالات والوسائل التكنولوجية عديدة تسهل عملية التواصل مع الأهل. وأضاف: أتفاعل مع الجاليات العربية إلا أن هناك بعض الاختلافات في اللهجات، بالرغم من ذلك فإن التواصل يكون أسهل مع العرب، وكلبناني ليس هناك مشاكل تعيقني لإقامة علاقات صداقة مع العرب. موضحا أنه كان يسكن في السكن الجامعي وأنه ينوي تركه لاستئجار شقة مع الأصدقاء نظرا لضيق الغرفة الجامعية، وأيضا رغبته في العيش مع الأصدقاء.

 لندن الحرية

من جانبها تقول شريفة الكندري طالبة كويتية تدرس الصيدلة في كلية لندن الجامعيةUCL  أنها اختارت الصيدلة لأنها تهوى هذا المجال حيث أنها تحب الكيمياء وصنع الأدوية، وبالتالي شعرت بأن هذا هو المجال الأفضل بالنسبة لها، كما أن UCL  تعتبر الأفضل في هذا المجال حول العالم، كما أنها ترغب بالعيش في لندن.

 وأوضحت الطالبة الكويتية أنها في عامها الثاني هنا بعد أن عاشت في كوريا لمدة سبع سنوات، وأنها لم تعش في الكويت لفترة طويلة وبالتالي فإنها لم تتعود على طريقة العيش في الخليج، موضحة أن لندن مشهورة بالحرية وأنه لا حدود للطموح والإبداع.

 دعم الطلبة

 وأكدت شريفه في حديثها لعرب لندن أن الطلاب يحظون بدعم كبير من قبل المجتمع من حيث التخفيضات والتسهيلات المقدمة لهم من كافة الهيئات والمؤسسات وحتى الجهات التجارية والمواصلات،وأن الجامعات توفر أخصائيين للتعرف على وحل مشاكل الطلبة، إضافة إلى الفعاليات الموجودة طوال الوقت.

 

 وأكدت أن السفارة الكويتية تمنح الطلاب الكويتيين مصروفا شهريا لشراء الكتب والأدوات المطلوبة للدراسة، وتحديث أجهزة الحاسوب، إضافة إلى المساعدة في السكن،موضحة أنها تتفاعل مع الجالية العربية هنا أكثر من الجاليات الأخرى نظرا لتقارب الثقافة واللغة المشتركة، لكنها أيضا منفتحة للحديث والتعرف على الجنسيات الأخرى، لافتة إلى أن الطلبة العرب في معظم الأحيان لا يتفاعلون مع نظرائهم الأجانب بسبب العادات والتقاليد التي قد يعتقدون بأنها خاطئة، أو قد تسبب لهم مشاكل مع الأهل خصوصا عندما يتعلق الأمر بممارسات مثل تناول المشروبات الكحولية.

 شعور الغربة

 

أما محمد السليم -٢١ سنة- من السعودية والذي يدرس اللغة الإنجليزية في معهد أوكسفورد بمدينة برايتون الساحلية فيقول أنه جاء من السعودية منذ شهرين لدراسة اللغة الإنجليزية وتحسينها، حيث أنه طالب حقوق في المملكة العربية السعودية، ويضيف: في البداية قدمت وحدي فكان هناك شعور موحش بالغربة والوحدة، كما أن السكن كان صعبا نظرا لصغر مساحة المكان وقد عانيت فيما يتعلق بالأكل الذي لم أحبه على الإطلاق، فالمطبخ الإنجليزي غير مبدع وليس هناك تنوع فيما يتعلق بالمأكولات المتاحة، وهو رأي أغلب الشباب السعوديين الذين قابلتهم.

 صعوبة التنقل

ولفت إلى أن التنقل يعد من أبرز السلبيات مشيرا إلى أن المعهد الذي يرتاده يبعد حوالي ٦ كيلومترات فقط من محل سكنه، إلا أن عليه أن يخرج من المنزل قبل موعد الدرس بساعة كاملة لانتظار الحافلة!

صعوبة الأيام الأولى في لندن

 وفيما يخص الأمور المفتقدة والتي من الممكن أن تسهل على الطلبة تعايشهم وتأقلمهم مع المجتمع الإنجليزي يقول السليم أنه في الأسبوع الأول يحتاج الطالب إلى شخص لمساعدته من السعوديين، مفضلا أن تكون هناك جهة رسمية تقوم بهذا الدور خصوصا في البدايات، لافتا إلى أنه كان محظوظا بالتعرف على مجموعة من الطلبة السعوديين الذين ساعدوه في التعرف على نظام العيش والمواصلات، وكيفية التنقل وإيجاد المطاعم المناسبة وغيره من الأمور اللوجستية التي يصعب على الشخص المغترب معرفتها وحده.

 

ويشير الطالب السعودي إلى أنه وصل إلى آليات التأقلم بمجهودات فردية، وأنه لو كان هناك نوع من الدعم المؤسسي فإن ذلك سيسهل على العديد من الطلبة سبل العيش والتأقلم في المجتمع.

وبخصوص طموحاته وأحلامه المستقبلية يقول إنه طالب قانون وبالتالي فإن طموحه يتمثل في أن يكون محامي دولي لذلك فإنه يحتاج إلى اللغة الإنجليزية، وأكد أنه سيعود مرة أخرى الصيف القادم لتقوية لغته الإنجليزية التي سيحتاجها في علمه المستقبلي.

 

 

 

 

 

السابق نظام إنذار مبكر لعلاج ظاهرة الإنتحار في صفوف طلاب جامعة بريستول
التالي دراسة بريطانية: دخان السجائر يعطل عمل المضادات الحيوية